يمكن لمن يعارض سورية ومحور المقاومة أن يستنكر ما نقوله عن انتصار تحقق في حلب. يقول هذا البعض: إذ كيف لأمة أن تفرح بانتصارات أبنائها على بعضهم البعض؟ الجواب: إن الانتصار في حلب لم يكن فقط على بعض أبناء هذه الأمة الذين تحوّلوا إلى الجاهلية والظلامية بل على أميركا وتركيا وفرنسا وبريطانيا والسعودية وقطر وكل من شارك من الدول في مشروع تدمير سورية وتقسيمها. المعركة في حلب كانت معركة كونية بكل ما للكلمة من معنى. معركة ضد الاستعمار الجديد وضد العثمانية الجديدة وضد الصهيونية وخوارج هذا العصر. كلّ هؤلاء كانوا يخوضون معركة كسر إرادة الدولة السورية لصالح بناء دويلات طائفية وعرقية.
فالمعركة لم تكن مع فصائل عسكرية انفصالية متمرّدة كان بإمكان الجيش السوري القضاء عليها سريعاً لولا أنّ الحقيقة أنّ دولاً كبرى هي مَن عمل لتكون الحرب على هذا النحو ليس فقط في حلب بل على معظم الأراضي السورية، وحتى داخل الأراضي اليمنية والعراقية والليبية.
نعم يحق لنا أن نقول: «انتصار حلب»، لأنّه انتصار على قوى الاستعمار والاستكبار والهدم. هم أرادوا مواجهة مفتوحة بهذا الحجم على أرض حلب ودمشق وإدلب وغيرها من مناطق سورية، وليست الدولة السورية هي مَن اختارت الحرب أو أرادت القتال على هذا النحو، ولكن عندما يفرض العدو المعركة على أرضنا العربية علينا أن نقاتل ونثبت ونصمد، وعندما يستخدم أبناء هذا البلد أو ذاك في معركته ومشروعه وينخدع مَن ينخدع، فإنّ عليك أن تتخذ موقفاً صارماً من كلّ من يقف مع مخططات الاستعمار ولو كان من أبناء جلدتك.
في لبنان قاتلت المقاومة الإسلامية مرتزقة العدو «الإسرائيلي» أي أفراد ما يُسمّى «جيش لبنان الجنوبي»، وهم لبنانيون، ولكنهم انخرطوا في المشروع «الإسرائيلي» بكلّ وقاحة وصلافة وعملوا على قتل وتهجير وسجن كلّ من لا يريد الرضوخ للإرادة «الإسرائيلية» وشكلوا متاريس للصهاينة وأكياس رمل لهم، فلم يكن بدّ من مقاتلتهم لأنهم بعمالتهم للصهيوني خرجوا عن الوطنية والأخلاق وباعوا دنياهم وآخرتهم للمحتل الغازي.
والجيش السوري عندما قاتل بعض من ينتسبون بالهوية إلى سورية. لم يقاتلهم لأنهم سوريون ارتكبوا خطأ بسيطاً، وإنما لأنهم انساقوا وراء مشروع تفتيتي تخريبي تدميري، فخانوا وطنهم وباعوا دينهم لأجل حفنة من الدولارات والوجاهات الزائفة الزائلة.
فالمعركة ضدّ هؤلاء سواء كانوا في سورية أو لبنان أو أي بلد عربي آخر هي معركة شرف، لأنها تستأصل الفاسدين والعملاء والمجرمين وآكلي الأكباد والقلوب وقاطعي الرؤوس من مساحة الأرض التي أصرّت أن تنعم بالأمن والسلام والتعددية والتسامح الديني والثقافي ولم تهضم وجود ملوك الإرهاب وأرباب الإجرام ولو كانت دون ذلك تضحيات جسام.
مبارك لحلب ولجيش سورية الشجاع وللمقاومة الإسلامية البطلة ولكل القوى الرديفة التي تدعم الدولة السورية على بناء المستقبل على أسس الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.